التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, أبريل 25, 2024

تقسيم الشرق الأوسط.. الهدف الرئيسي للمشروع الأمريكي في المنطقة 

شهدت منطقة الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الثانية تطورات كثيرة على الصعيدين الأمني والسياسي، وتمكنت أمريكا وروسيا خلال تلك الفترة من الإستحواذ على الكثير من مقدرات هذه المنطقة قبل أن تبرز قوى جديدة ومؤثرة في مقدمتها الجمهورية الإسلامية في إيران.

وشهدت المنطقة أيضاً ظهور الكيان الإسرائيلي إثر إحتلاله لأرض فلسطين عام 1948، وكذلك الحروب المتعددة التي خاضها عدد من الدول العربية ضد هذا الكيان لاسيّما مصر والعراق وسوريا التي إنكفأت على نفسها فيما بعد، بسبب تعرضها لأزمات أمنية كان آخرها ظهور الجماعات الإرهابية والتكفيرية المتطرفة لاسيّما تنظيم “داعش”.

وقبل ذلك حصل تطور بارز آخر تمثل بالإحتلال الأمريكي العسكري للعراق عام 2003 والذي إستمر حتى نهاية عام 2011. وخلال تلك الفترة لعب محور المقاومة المدعوم من قبل الجمهورية الإسلامية في إيران والمتمثل بالمقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله دوراً مميزاً في رسم الخريطة السياسية للمنطقة خصوصاً بعد الإنتصار الكبير الذي حققه حزب الله على الكيان الإسرائيلي في صيف عام 2006.

وبعد إحتلال “داعش” لمناطق واسعة في العراق وصدور فتوى المرجعية الدينية في النجف الأشرف التي مهّدت لتشكيل الحشد الشعبي في هذا البلد، وكذلك بروز حركة أنصار الله في اليمن، كقوى فاعلة ومؤثرة في محور المقاومة الذي يتصدى للمشروع الأمريكي المسمى بـ “الشرق الأوسط الكبير أو الجديد” الرامي إلى تمزيق دول المنطقة ونهب ثرواتها والتحكم بمصيرها بالتعاون مع بعض الأطراف الإقليمية لاسيّما قطر والسعودية وتركيا خدمة للكيان الإسرائيلي وحلفائه الغربيين وفي مقدمتهم أمريكا، سعت واشنطن لتفعيل مشروع تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات “سنيّة وشيعية وكردية” الذي طرحه نائب الرئيس الأمريكي “جو بايدن” في عام 2006 ، مستفيدة من الظروف المعقدة والوضع الأمني المتدهور الذي واجهه هذا البلد في تلك الفترة.

وتسعى واشنطن من خلال مشروعها “الشرق الأوسط الكبير أو الجديد” إلى تحقيق عدّة أهداف في مقدمتها حفظ أمن الكيان الإسرائيلي من خلال عاملين رئيسيين؛ الأول: يتمثل بإبقاء ميزان القوى في الشرق الأوسط لصالح هذا الكيان، والثاني: إشغال دول المنطقة بحروب ونزاعات داخلية كما يحصل الآن في سوريا والعراق بسبب وجود الجماعات الإرهابية المدعومة من قبل واشنطن وحلفائها الغربيين والإقليميين، وكذلك بين اليمن والسعودية بسبب عدوان الأخيرة المتواصل على الشعب اليمني منذ أكثر من 15 شهراً.

وتسعى واشنطن أيضاً إلى جرّ العديد من الدول العربية وفي مقدمتها قطر والسعودية ومصر للإعتراف الرسمي بالكيان الإسرائيلي بعد أن تمكنت من إقناع هذه الدول بإقامة علاقات مع هذا الكيان في عدد من المجالات لاسيّما في المجال الإقتصادي في إطار مشروعها لتطبيع هذه العلاقات وإبرازها إلى العلن وفرضها كأمر واقع بعد أن كانت تتم في السرّ في السنوات الماضية.

وساهم في هذا التطبيع الدور الذي لعبته وتلعبه السعودية لتشكيل جبهة إقليمية مضادة للجمهورية الاسلامية في إيران التي تمكنت من إنتزاع إعتراف دولي بحقها في إمتلاك النووية السلمية من خلال إبرامها للإتفاق النووي مع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا في تموز / يوليو 2015 والذي مهّد الأرضية أيضاً لرفع الحظر الإقتصادي الذي فرض على إيران على خلفية أزمتها النووية مع الغرب التي إستمرت لسنوات طويلة.

ومن الأساليب الأخرى التي إنتهجها أمريكا لتنفيذ مشروع التقسيم في المنطقة محاولاتها المستمرة لإذكاء الفتنة الطائفية بين السنّة والشيعة لاسيّما في العراق وذلك من خلال دعمها لبعض العشائر السنيّة في المناطق الغربية من هذا البلد، مستفيدة من الظروف الأمنية المتدهورة التي أوجدها إحتلال “داعش” لمناطق واسعة في العراق عام 2014، خصوصاً في محافظتي الموصل شمال العاصمة بغداد والأنبار غرب البلاد.

وخلال السنوات الماضية وتحديداً بعد إندلاع الأزمة السورية في آذار/مارس عام 2011 سعت واشنطن لقطع الإتصال بين الجمهورية الإسلامية في إيران والمقاومة الإسلامية في لبنان بقيادة حزب الله، وذلك من خلال محاولاتها المتكررة لإسقاط نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد باعتبار أن سوريا كانت ولازالت تمثل حلقة مهمة من حلقات محور المقاومة ونقطة إتصال رئيسية بين كافة أطراف هذا المحور في عموم المنطقة.

ومن خلال قراءة هذه المعطيات يمكن القول بأن مشروع التقسيم الذي تسعى واشنطن جاهدة لتنفيذه في العراق وإلى حد ما في سوريا يهدف في الحقيقة إلى قطع الإتصال بين الجمهورية الإسلامية في إيران وحزب الله لبنان من جهة، وإضعاف سوريا والعراق من جهة أخرى، والذي يصب بالتالي في مصلحة الكيان الإسرائيلي الذي ينتظر الفرصة للإستفراد بحزب الله ناسياً أو متناسياً بأن محور المقاومة لايمكن أن يدع هذا الأمر يتحقق على أرض الواقع، بالإضافة إلى ذلك فإن حزب الله قد بلغ مرتبة عالية ومتقدمة في التسلح والتدريب والخبرة القتالية الفريدة التي إكتسبها طيلة العقود الثلاثة الماضية، والتي تمكن من ترجمها بشكل رائع في إنتصاراته المتكررة على الكيان الإسرائيلي والتي بلغت ذروتها في صيف عام 2006.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق