التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, أبريل 19, 2024

ذكرى إسقاط الطائرة الايرانية بين التملص الأمريكي والحقائق 

تأتي الذكرى الـ٢٧ لإسقاط الطائرة الايرانية من قبل المدمرة الامريكية “U.S.S Vincennes”. في عام ١٩٨٨، والادارة الامريكية تسعى جاهدة للتملص من هذه الجريمة والاكتفاء بأن ما حدث کان خطأ إنسانياً. ولكن الادلة والشواهد تدل على أن هذه الطريقة الارهابية التي استخدمت في إسقاط الطائرة هي واحدة من السياسات الخارجية الامريكية المتبعة منذ فترة زمنية بعيدة.

 

في تاريخ ٣ تموز/يوليو من عام ١٩٨٨ كانت الطائرة الايرانية ايرباص A٣٠٠ المدنية التابعة للخطوط الجوية الايرانية التي تحمل رقم الرحلة “IR٦٥٥” تتجه من مطار بندرعباس ومن المفروض أن تصل إلى مطار دبي الدولي وعلى متنها ١٥٦ رجلا و ٥٣ امراة و ٥٧ طفلا. وقبيل دخول الطائرة الى المجال الجوي الاماراتي، امر قبطان المدمرة الامريكية “ويل روجرز” باطلاق صاروخين من طراز استاندارد ٢ نحو الطائرة، وفي هذه الاثناء اختفت الطائرة من صفحات الرادارات الارضية وسقطت في مضيق هرمز قبالة سواحل الخليج الفارسي وانتهت حياة ٢٩٠ راكبا مدنيا بالاضافة للطاقم.

 

الادارة الامريكية أعلنت في اليوم الثاني للحادثة أن إسقاط الطائرة الايرانية جاء نتيجة الخطأ في تشخيص الطائرة، حيث ادعت أن الطائرة كانت طائرة أف ١٤ حربية. ولكن الحكومة الايرانية آنذاك رفضت هذا الادعاء، والسؤال هل يمكن للرادارات أن لا تميز بين طائرة أيرباص مدنية وطائرة أف ١٤ حربية؟ أم أن هناك مكيدة وراء الحادثة ؟ فالادلة والشواهد اللاحقة الذكر أثبتت أن هذه الطريقة ليست الوحيدة وإنما ضمن سلسلة من العمليات الارهابية الامريكية المتبعة في السياسة الخارجية الامريكية.

 

عملية نورث وودز

 

حسب وثيقة سرية مسربة تم نشرها عبر وكالات أنباء مختلفة [١]، قام البنتاغون بوضع خطة في عام ١٩٦٢ من أجل إيجاد ذريعة للحرب على دولة كوبا في ذلك الوقت، واطلق على الخطة اسم عملية “نورث وودز”، وتتضمن الخطة إسقاط طائرة ركاب مدنية أمريكية تحمل على متنها عدداً من الطلاب، ومن ثم إتهام كوبا باسقاط الطائرة وإثارة الفوضى عبر الاعلام لتحقيق الهدف الامريكي، ولكن بسبب مخالفة الرئيس الامريكي السابق جون كندي لم يتم تنفيذ الخطة.

 

ولكن في حادثة مشابهة للخطة السابقة، في ٤ من تشرين الاول/اكتوبر من عام ١٩٧٦ تم إسقاط الطائرة الكوبية ذات الرقم ٤٥٥ عبر تفجير قنبلتين موقوتتين في الطائرة، ما أدى الى مقتل جميع ركاب الطائرة والبالغ عددهم ٧٣ راكباً. وكان المتهمان في هذه الحادثة تحت حماية جهاز المخابرات الامريكي “CIA” وهما “بوسادا و اورلاندو باش”، حيث تم في عام ٢٠٠٥ الكشف عن هذه العملية في إحدى ملفات وكالة المخابرات المركزية الامريكية عبر وثيقة مسربة [٢].

 

محاولة إغتيال تشو ان لاي

 

في الـ١١ من نيسان/ابريل من عام ١٩٥٥ تم إسقاط طائرة هندية عبر تفجير قنبلة موقوتة ما أدى الى سقوط الطائرة في بحر الصين الجنوبي وتم على أثرها مقتل ركابها الـ١٦. وكان الهدف من هذه العملية الارهابية هو اغتيال رئيس الوزراء الصيني السابق “تشو ان لاي”، والذي كان من المفترض أن يكون على متن الطائرة ولكن تم إلغاء سفره في اللحظات الاخيرة. وقامت الحكومة الصينية بالتحقيق بالحادثة والنتائج أشارت الى ضلوع وكالة المخابرات المركزية الامريكية في قضية محاولة اغتيال رئيس الوزراء الصيني السابق في ذلك الوقت.

 

الحرب على العراق

 

سعت امريكا مع شريكتها بريطانيا في عام ٢٠٠٣ خلال حكم صدام حسين للعراق، لايجاد حجة أخرى من اجل شن الحرب على العراق، وذلك من خلال اختبار محاولة صدام حسين للتصدي لطائرة استطلاع امريكية كانت تشبه طائرة تابعة للامم المتحدة. ففي برقية حول لقاء جمع الرئيس الامريكي السابق جورج بوش مع رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، اشارت إلى أن البلدين کانا يحاولان خلال اللقاء وعبر محاولة العراق التصدي لهذه الطائرة جعله سبباً لشن الحرب على العراق. وجاء في البرقية “أن امريكا تقوم بالتحقيق فيما اذا كان صدام سيخرق معاهدة الامم المتحدة في حال التصدي لطائرة استطلاع U٢ تم طليها بشكل مشابه لطائرة تابعة للامم المتحدة”. وضمن هذه البرقية تمت الاشارة انه خلال الجلسة تم اختبار هذه الخطة، وكانت بريطانيا آنذاك تسعى لاستصدار قرار ضمن الامم المتحدة لشن الحرب على العراق [٣].

 

جميع الشواهد والحقائق السابقة تدل على أن امريكا وعبر هذه الاعمال الاجرامية كانت تسعى لتطبيق قسم من سياساتها الخارجية. فنظرية اسقاط الطائرة الايرانية عبر خطأ في تشخيص الطائرة لم تكن الا حجة واهية، وإلا فلماذا لم يتم تقديم طاقم المدمرة الامريكية الى القضاء والتحقيق في الحادث؟ بل جری عكس ذلك تماما حيث تم تقديم أوسمة الشجاعة بسبب هذه الجريمة لجميع طاقم المدمرة في اختراق واضح لحقوق الانسان. واليوم يصف المتحدث باسم الخارجية الامريكية “الن اير” ان حادثة اسقاط الطائرة الايرانية ٦٥٥ کان خطأ انسانياً في اعتراف خجول عن هذه الجريمة البشعة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق