التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أبريل 20, 2024

عام بلا رئيس .. لبنان إلي أين؟ 

لم ينجح مجلس النواب اللبناني على مدى عام كامل ومن خلال ٢٣ جلسة( كان آخرها في ١٣ مايو/أيار حيث أرجأ رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الجلسة المقبلة إلى ٣ يونيو/حزيران المقبل) في إنتخاب رئيس للبلاد، لعدم اكتمال النصاب بسبب انسحاب بعض الكتل أثناء التصويت، أو بسبب عدم حضورها من الأساس للجلسات المقررة سلفاً، فما الذي يحول دون انتخاب رئيس جديد للبلاد؟ وما هي السبل الناجعة لحل الأزمة الرئاسية؟

لم يكن الفراغ الرئاسي سيد الموقف للمرّة الاولى على الساحة اللبنانية، فقد أنهى الرئيس الأسبق إميل لحود ولايته الدستورية من غير أن يسلم السلطة إلى رئيس جديد بسبب عدم التوصل إلى اتفاق بين الفرقاء السياسيين في لبنان .

وبصرف النظر عن الإتهامات المتبادلة من مختلف الأطراف السياسية بالرضوخ لقوى خارجية، يعتبر النصاب سبباً رئيسياً في الفراغ القائم، حيث لا يملك فريقي الثامن والرابع عشر من آذار مع حلفاءهما القدرة على تأمين النصاب القانوني منفردين لأنه لا يمكن انتخاب رئيس لبناني بلا ثلثي نواب البرلمان .

الشغور الرئاسي، الشلل التشريعي في البرلمان اللبناني ، وتكبّل أيادي الحكومة إثر الخلافات الأخيرة على تعيينات مقبلة في مراكز حساسة كقيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي، عوامل عدّة تؤكد أن البلاد تعيش أزمة تتركز حول هوية لبنان وخياراته السياسية، في ظل وجود قناعة لدى البعض بأن اختيار رئيس للبلاد بات مرهونا بمجمل التطورات الإقليمية والدولية، وهذا ما يدركه أي مراقب للمشهد السياسي في بلد تحكمه سياسات المحاور صاحبة الكلمة الفصل .

المبادرة العونية

لم تطرح “مبادرة رئاسية” في لبنان حالياً حتى تُجهَض في مهدها ما يجعل الأطراف السياسية عاجزة عن إنجاز الاستحقاقات الدستورية، وهذا ما حصل حالياً مع مبادرة عون الأخيرة التي تدعو لانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب على مرحلتين مسيحية ووطنية أو إجراء استفتاء شعبي يتم من خلاله اختيار من يكون الأول والثاني مارونياً على أن ينزلا إلى المجلس النيابي لينتخب البرلمان من بينهما واحداً .

وفي انتظار البحث عن رئيس للجمهورية يصل موفداً فاتيكانياً يوم غدِ الإثنين إلى بيروت هو رئيس المحكمة العليا للامضاء الرسولي المونسنيور دومينيك مامبرتي، فهل الزيارة تأتي صدفة أم ان حاضرة الفاتيكان تعمدت موعد الزيارة في الذكرى السنوية الأولى للفراغ في سدة الرئاسة الأولى لتذكّر المسيحيين بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم لملء المقعد الشاغر في القصر الرئاسي؟

الفراغ الرئاسي هو اعتراف من اللبنانيين بأنهم عاجزون عن إدارة شؤونهم بأنفسهم، وأنهم بحاجة إلى تدخل خارجي لتسوية أمورهم، لكن الواقع السياسي القائم يشير إلى مشكلات متجذرة وأزمات مزمنة، لأن استقرار لبنان الهش الذي ينهار عند كل هزة داخلية وإقليمية يعكس خللاً في بنية النظام السياسي ما يدعو إلى إجراء تغييرات جوهرية في بنية النظام السياسي الذي يقع ما بين سندان الإحتلال الفرنسي ومطرقة إتفاق الطائف .

إلى أين؟

يبدو أن مبادرة الرئيس ميشال عون لحل الازمة الرئاسية ستصل إلى طريق مسدود، بسبب إرتهان البعض لعواصم خارجية تنظر إلى لبنان ضمن لوحة كاملة ترتسم على طول المشهدين الدولي والإقليمي، وما قد يحصل في الفترة المقبلة هو تفجير للحكومة من الداخل وبالتالي القضاء على التضامن الوزاري المطلوب خصوصاً إذا قرر رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون الانسحاب من الحكومة وهو قرار طلب منه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التريث في اتخاذه، ما يرجح في هذه الحالة التمديد لمجلس النواب حتى إشعار آخر لأنه لا تفاهم على قانون للانتخابات .

يتوجب على الاطراف المسيحية “بيضة القبان” في الرئاسة اللبنانية أن تتعاطى بحكمة مع المبادرة العونية أو تطرح مبادرات أخرى قادرة على الخروج بلبنان من نفق الرئاسة المظلم. وإن إطالة امد الفراغ في الرئاسة الأولى بات يشكل قلقا للمسيحيين الذين يرون في غياب الرئيس قضاءً تاماً على حقوقهم، ما يدعوهم اكثر من غيرهم لأخذ مبادرة عون بجدية تامة، لوضع لبنان مؤقتاً على طريق الصواب بإنتظار إصلاحات النظام السياسي القائم .

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق