التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, أبريل 25, 2024

كيف تستفيد تركيا من داعش الارهابي؟ 

في خضم الحرب التي يشنها تنظيم داعش الارهابي على عدة جبهات في البلاد العربية يأتي الدور التركي المريب والداعم للتنظيم ليطرح تساؤلات كبيرة حول أسباب وأهداف هذا الدعم .

ويقول الكاتب الصحفي بجريدة  تايمز البريطانية روجر بويز في مقال له إن أنقرة تؤجج الصراع بين تنظيم داعش  وحلف شمال الأطلسي حتى تصبح قوة إقليمية موضحا أن تركيا أصبحت حليفا مشكوكا فيه في العمليات التي تُشن ضد تنظيم داعش الإرهابي .

 وأضاف بويز أن تركيا لديها أولويتين؛ الأولى هي إسقاط نظام بشار الأسد في سوريا، أمَّا الثانية فهي الحيلولة دون استفادة الأكراد من الفراغ السياسي الموجود في منطقة الشرق الأوسط مشيرا إلى أن تركيا تعتبر داعش الارهابي أداة ووسيلة مفيدة لتحقيق أهدافها أكثر من كونه عدوا لها.

وقال بويز: في الوقت الذي تظهر فيه تركيا أمام الجميع أنها عضو من أعضاء التحالف الدولي ضد داعش بقيادة  امريكا، تبحث عن المزيد من الطرق والوسائل التي من شأنها أن تسهل حياة داعش الارهابي، موضحا أن اقتصاد  هذا التنظيم مرتبط بالوسطاء الأتراك، وأنها تتمتع بقنوات اتصال فعالة مع قيادات تنظيم داعش الإرهابي، مثلما فعلت في عمليات المساومة للإفراج عن الدبلوماسيين الأتراك الذين اختطفوا في الموصل شمال العراق من قبل التنظيم.

 وقال بويز في نهاية مقاله: إن الحيل الجيوسياسية التي تتبعها الحكومة التركية أصيبت بحالة من الشلل التام بسبب عدم كفايتها وتقصيرها فيما يتعلق بالوصول إلى نقطة واضحة في تحديد العدو في هذا الصراع لذلك فإن هذا يجعل الثقة في تركيا أمرا صعبا .

 ولعلّ أول أسباب دعم تركيا لتنظيم داعش الارهابي هو انهيار سياسة تركيا الخارجية، وفشلها في سوريا ومن ثم في مصر والعراق وفي كل المنطقة وهذا ما جعلها تلجأ الى شعار الغاية تبرر الوسيلة، وأن تكون مستعدة للتعاون مع الشيطان من أجل التعويض عن الفشل، بدلا من أن تعترف بالهزيمة وتعيد النظر في سياساتها بما يحفظ ما تبقى من ماء الوجه.

لقد جربت تركيا في العراق شتى الوسائل للإطاحة برئيس الحكومة نوري المالكي، حتى قبل نشوب الأزمة في سوريا، بدءاً من رعاية تشكيل القوائم الانتخابية المعارضة، وصولاً إلى ترتيب انقلاب عسكري عبر طارق الهاشمي ولما لم تنجح في ذلك لجأت إلى خيار التنظيمات الإرهابية، مثل داعش الارهابي، لعلها تضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.

وهناك من المحللين من يعتقد إن استخدام انقرة لداعش بالتحالف مع مجموعات المعارضة السابقة، إنما يهدف إلى خلق دولة سنية، وبالتالي تقسيم العراق بعدما بات العراق الموحد لا يخدم المصالح التركية كما يرسمها احمد داود اوغلو.

 وانتقلت أنقرة، بعد دعم المالكي للنظام في سوريا، من سياسة حماية وحدة العراق إلى سياسة تفتيته وتدمير كيانه السياسي، وآخر هذه الخطوات كانت اتفاقات نفطية مع منطقة كردستان من دون العودة إلى حكومة بغداد، وتصدير النفط العراقي من كردستان إلى موانئ تركيا، في سرقة موصوفة للنفط العراقي، كما أن أنقرة كانت شريكة أساسية في تفكيك وسرقة معامل حلب إلى تركيا.

إن تقسيم العراق، بنظر أنقرة، سيخلق دولة سنية محاذية لها تقتات بنسبة كبيرة على مساعداتها فتكسب تركيا نفوذاً في العراق لم تستطع أن تكسبه سابقا.

ويعتقد المحللون إن انفلات الوضع في العراق وسوريا سيتيح لأنقرة، في حال توفرت الظروف الدقيقة أن تعود إلى الموصل بعدما خرجت منها في اتفاق العام ١٩٢٦ مع بريطانيا والعراق، والموصل، أو محافظة الموصل، كانت تضم معظم إقليم كردستان الحالي، إضافة إلى أجزاء من محافظة نينوى الحالية وهو ما يحقق حلما تاريخياً لم يمت لدى العقل السياسي التركي.

وخلال السنوات الثلاث الماضية، شرّعت أنقرة الحدود التركية ـ السورية للمقاتلين الأجانب للتدفق إلى سوريا، ومنها إلى العراق لاحقاً، وسلّحت تركيا وموّلت وسهّلت تنقل مسلحي داعش الإرهابي عبر مناطقها الجنوبية إلى الشمال السوري حتى بات يمكن القول إنه لولا تلك الرعاية، لما كان هذا التنظيم يتمتّع بالقوة التي مكّنته من الاستيلاء على تلك المساحة الشاسعة بين سوريا والعراق.

 ومع تمدّد التنظيم حول تركيا، وبالتزامن مع الهبّة الدولية التي مهّدت للضربات الأميركية في العراق، ادعت ادارة رجب طيب أردوغان انها اتخذت إجراءات جديدة، منها تشديد التدابير على حدودها للحدّ من تنقل المقاتلين غير أن صحيفتي غارديان وواشنطن بوست كشفتا قبل أيام أن إجراءات أنقرة المزعومة لم تمنع ذهاب هؤلاء وإيابهم، إضافةً إلى استخدامهم للمناطق الحدودية في رحلتهم من دون رقابة جدّية.

صحيفة غارديان، نشرت تقريراً عن سعي داعش  إلى تأمين الحدود الشمالية الغربية لسوريا مع تركيا، لكونها البوابة الرئيسية لاستقدام المقاتلين الأجانب للانضمام إلى دولة الخلافة وأوضحت الصحيفة البريطانية أن عدداً من مقاتلي التنظيم يتوجّهون نحو الحدود التركية، عبر الشاحنات المسلحة التي نهبوها من القواعد العسكرية العراقية، مشيرةً إلى أن هذا التحرك سيكون له تداعيات ضخمة على تركيا.

وتقول الصحيفة إن  امريكا وحكومات أوروبية، حثّت تركيا طوال ١٨ شهراً على ضرورة إيقاف المقاتلين الذين يعبرون إلى سوريا، غير أن أنقرة لم تبدِ رغبةً جدية في مواجهة عناصر داعش وظلّ مسؤولون فيها مصرّين على أنه يصعب التفريق بين الحجّاج الآتين إلى تركيا وبين عناصر داعش.

في السياق نفسه، نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالاً يؤكد وجود مقاتلي داعش الارهابي في مدينة الريحانية في لواء اسكندرون ، الصحيفة الامريكية  التي أشارت إلى أن البلدة مثّلت لمقاتلي التنظيم المتطرّف متجراً شخصياً طوال السنوات الماضية، نقلت تأكيد أهالي الريحانية أن مستشفيات منطقتهم استقبلت مصابي داعش وجبهة النصرة خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى كون المدينة محطة أساسية لنقل المقاتلين الأجانب والأسلحة عبر الحدود.

وهكذا تستفيد تركيا من داعش الارهابي لضرب سوريا وتفتيتها واسقاط نظامها كما تستفيد منه في تقسيم العراق والاستحواذ على شماله وضرب الاكراد ومنعهم من اقامة كيان لهم بالاضافة الى الاستفادة من النفط الذي يهربه هذا التنظيم الإرهابي، ولتركيا مآرب أخرى من تقديم دعمها للتنظيم هذا ومنها اكتساب النفوذ في المناطق التي يوجد فيها داعش مثل مصر وليبيا. انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق