التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أبريل 20, 2024

أيها العراقيون .. إحذروا الحرب النفسية 

منيب السائح –

منذ ان احتلت “داعش” الموصل وبعض المناطق الغربية من العراق بالتواطؤ مع البعثيين ، لم تتوقف ماكنة الدعاية “الداعشية” ، ولو للحظة واحدة ، عن بث الاكاذيب والشائعات عن زحف “الدعواش” صوب بغداد والمدن المقدسة ، وكأن سقوط هذه المدن بات حتميا.

الناطق باسم “داعش” ، كان اول من حدد اهداف “داعش” من هجومها على الموصل والمناطق الغربية من العراق ، معتبرا مدينتي النجف الاشرف وكربلاء المقدسة ، هما الهدف النهائي للتنظيم وليس بغداد او سامراء ، وكان الهدف من هذا الخطاب هو ضرب معنويات الجيش العراقي واثارة حالة من الخوف والهلع بين ابناء الشعب العراقي.

بالتزامن مع الحرب النفسية التي كانت تقودها “داعش” والفضائيات العربية الممولة خليجيا لاسيما الفضائات السعودية والقطرية ، ضد الشعب العراقي ، كانت وسائل الاعلام التابعة للبعثيين وفلول النظام السابق ، تنفخ في نار هذه الحرب ، وهو ما اتضح جليا من تصريحات رغد ابنة صدام ، التي اعلنت فيها عن فرحتها ب”الانتصارات” التي حققها “ابناء” والدها ، وشكرت “عمها” عزت الدوري على قيادته للهجوم ، واعلنت انها على وشك ان تقوم بزيارة الى تكريت لقراءة الفاتحة على قبور ابيها وشقيقيها عدي وقصي ، وكانت تتحدث بثقة كبيرة.

الامر الذي زاد من الضغط النفسي على العراقيين ، هو موقف الولايات المتحدة الامريكية ، التي كانت تتفرج على سقوط المناطق الغربية من العراق بيد “داعش” والبعثيين ، حيث كان المسؤولون الامريكييون يضعون الشروط لتقديم اية مساعدة عسكرية للعراق ، بالرغم من ان امريكا ملزمة بتقديم المساعدة للعراق وفقا للاتفاق الامني الذي وقعته معه.

في هذه الاثناء ، قلبت فتوى سماحة السيد على السيستاني للعراقيين بالتطوع ، الطاولة “الداعشية” البعثية الامريكية ، على الجميع ، وعندها لم تتوقف “داعش” في تقدمها فحسب بل تراجعت في الكثير من المناطق ، اثر الضربات التي تعرضت لها من قبل الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي.

في الاونة الاخيرة عاد هذا الثلاثي “الداعشي” البعثي الامريكي ، الى ذات الاسطوانة القديمة ، اسطوانة الحرب النفسية ، وهذه المرة عبر اشاعة الاكاذيب بين العراقيين حول احتمال سقوط بغداد بيد “داعش” وان “داعش” قد تدخل بغداد في اي لحظة ، وان “داعش” صارت قاب قوسين او ادنى من بغداد.

الامر الذي زاد من ضغط هذه الشائعات على المواطن العراقي هو دخول الولايات المتحدة والغرب بشكل مباشر في هذه الحرب النفسية المفروضة على العراقيين ، فاول مصدر غربي اشاع  كذبة اقتراب “داعش” من بغداد كانت صحيفة “صنداي تلغراف” البريطانية في عددها الصادر يوم الاحد 12 تشرين الأول 2014 ، حيث نقلت الصحيفة خبرا مفاده : إن عشرة آلاف “داعشي” يقتربون من بغداد، وأنهم على بعد 25 كيلومتراً تقريبًا عن العاصمة.

وفي نفس اليوم اعلن رئيس أركان الجيش الأمريكي مارتن ديمبسي، ان “داعش،” كادت تصل الى مطار بغداد الدولي، وهو ما استدعى التصدي لها بمروحيات الأباتشي الأمريكية ، وإثر ذلك حذرت السفارة الأمريكية رعاياها من السفر عبر مطار بغداد الدولي.

هذه الشائعات الامريكية البعثية “الداعشية” ، كانت تكذبها الوقائع على الارض ، والانتصارات التي يحققها الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي في اكثر من محور ، الا ان هذه الانتصار وللاسف كانت ، تدفن تحت ركام الشائعات التي كانت تصم الاذان.

حتى الفضائيات التابعة للاعلام الخليجي شاركت في هذا المجهود البعثي “الداعش” الامريكي ، حيث بثت قناة “العربية الحدث” السعودية اخبارا عن تعرض مطار بغداد الدولي لهجمات شنتها “داعش” وهناك توقف لحركة الطائرات في المطار ، وهو ما دعا المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد العميد سعد معن للتاكيد على ان خبر “العربية الحدث ”  عار عن الصحة وان “مطار بغداد آمن والحركة فيه فوق الطبيعية بالنسبة لوصول الطائرات ومغادرتها. وطالب معن هيئة الإعلام والاتصالات العراقية بـ”أخذ موقف حاسم من هذه القنوات”، وأبدى استغرابه من هذا الموقف، غير الحيادي لبعض وسائل الإعلام والبعيد عن المهنية وفيه الكثير من الخبث تجاه العراقيين.

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي كان على حق عندما اعتبر ان العراق يتعرض الى حرب 70 بالمائة منها نفسي و30 بالمائة على الارض ،  وكان على حق عندما قال ان الحرب النفسية هي من تحسم المعركة وهي اقوى من الاسلحة الكيميائية والبايلوجية.

وكما عودتنا المرجعية العليا في النجف الاشرف ان تكون لها الكلمة الفصل في كل الظروف الصعبة التي مر بها العراق ، كانت هذه المرة ايضا حاضرة وبقوة في التصدي للحرب النفسية التي تشن على العراقيين ، لبث حالة من الاحباط والشك ومن ثم الضعف والخوف في قلوبهم ، فقد اشار ممثل المرجعية الدينية الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة (17 تشرين الاول / اكتوبر) في الحرم الحسيني المقدس الى الحملة التي تشنها بعض وسائل الاعلام للايحاء للراي العام العراقي باحتمال سقوط بعض مدن العراق بايدي “داعش” وتعرض العاصمة بغداد للخطر ، حيث دعا المواطنين الى ان يكونوا على حذر ووعي تام بالاهداف الحقيقية التي تقف خلف هذه الحملة الاعلامية واهمها هو ادخال الخوف والرعب في النفوس وضرب معنويات القوات المسلحة العراقية والمتطوعين واضعاف عزيمتهم على القتال بعد الانتصارات الملموسة التي حققوها في عدة مناطق.

بات واضحا ان “داعش” و رغم كل الهالة الاعلامية التي احيطت بها  والحرب النفسية التي تشنها على العراقيين ، الا انها تمرالان في اسوء حالاتها ، بعد ان فقدت القدرة على التاثير في سير المعارك في اكثر من محور ، ولم تجد من وسيلة للتغطية على عجزها وهزائمها امام القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي الا سلاح الشائعات وشن الحرب النفسية.

ان التقدم الذي تحرزه القوات المسلحة العراقية وقوات الحشد الشعبي على الارض ، لم تدع مجالا لتمادي الامريكيين في حربهم النفسية ضد العراقيين ، فقد اعترفت وزارة الدفاع الامريكية البنتاكون ، مرغمة على ان بغداد خارج دائرة الخطر وان القوات المسلحة العراقية تتقدم وحررت مساحات كبيرة من المناطق في محافظات ديالي والانبار وصلاح الدين من نير “داعش”.

على الحكومة العراقية ومن خلال اعتماد خطة اعلامية مدروسة تكسب فيها ثقة الشعب العراقي ، عبر نقل وقائع ما يجري اول باول وبموضوعية و دون زيادة او نقصان ، ليكون الاعلام العراقي مرآة لما يجري في العراق ، وبذلك يتحول هذا الاعلام الى المصدر الاول والاخير للعراقيين ، وعندها لن تستطيع اية وسيلة اعلامية مغرضة او شائعات مسمومة ، ان تزرع الشك والريبة في نفوس العراقيين ازاء ما يجري من حولهم من احداث.

اخيرا وبعيدا عن كل دعاية اعلامية للقوات المسلحة العراقية او قوات الحشد الشعبي ، وبعيدا عن اي حرب نفسية ضد “داعش” ، نقول ان “داعش” اضعف بكثير على الارض من الصورة التي تحاول ان تظهر بها ، فالهالة الاعلامية الضخمة التي كانت تحيط ب”داعش” تبخرت في آمرلي وكوباني ، فبانت حقيقتها دون رتوش.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق