التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, مارس 29, 2024

التحالف الدولي .. الصورة وما خلفها 

عبدالرضا الساعدي  –
بعد كل هذا الوقت من التعبئة والتحضيرات والضربات الجوية لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد جماعات داعش في العراق ، يكاد غالبية المتابعين والمراقبين للأحداث أن يجمعوا أن النتائج لحد الآن مخيبة وغامضة ولم تحقق أثرا واضحا في سير الحسم ضد هذه القوى الإرهابية التي باتت تهدد مناطق جديدة من العراق.
وكرد فعل على ما يحصل الآن من نتائج لا تتناسب مع حجم الإدعاء الدولي العسكري والإعلامي ، لم يعد المواطن العراقي وكذلك البعض من الأطراف السياسية العربية والدولية ،واثقا من النوايا الحقيقية والأهداف التي تكمن وراء الواجهة أو الصورة التي يقدم هذا التحالف شكله من خلالها .. وهو ما يجعل طبيعة هذا التدخل العسكري مصدر تساؤلات وقلق وشك أيضا .. بل يرى بعض العراقيين 
 أن الضربات الجویة تهدف الی توفیر حمایة مبطنة لداعش من خلال استهداف المدنیین مبدئیا ومن ثم التذرع به لتبریر مخططها لإرسال قوات بریة الی العراق بحجة عدم قدرة العملیات الجویة علی تدمیر الزمر الإرهابیة ، كما أن الضربات الجویة الأخيرة أسهمت فی تحجیم تحرکات الجیش العراقی ووفرت الحریة الکافیة لتمدد عصابات “داعش” التکفیریة بمرآى ومنظر الطیران الدولی الذی لم یقدم شیئا یذکر لفك الحصار عن الجنود العراقیین فی الصقلاویة والسجر وغیرها من المناطق مثلا  .
وفي تأكيد لحقيقة ما يجري ،وعلى لسان الأمريكان أنفسهم ، قال السیناتور الأمریکی عن الحزب الجمهوری جون ماکین، في وقت سابق ، أن إدارة الرئیس الأمریکی باراك أوباما لم تفعل شیئا بشأن التهدید الذی یشکله تنظیم داعش التکفیری الإرهابي وإنها مترددة فی مواجهة التنظیم الذی أصبح أکثر قوة وبات یسیطر علی مساحات واسعة .
وأضاف ماکین أن أوباما أعلن أن هدفه هو حمایة المواطنین والمساعدات الإنسانية ، وهذا لا یعد إستراتيجية للقضاء علی داعش معتبرا أن هناك غیاب لرؤیة إستراتيجية فی التعامل مع هذا التنظیم ..
هذا الكلام يعكس ، عدم جدية الولايات المتحدة ومن معها في حسم التهديد الداعشي ، بل العكس هو الأرجح وحسب المخطط المخفي وراء الصورة الظاهرية للمواجهة هو
  إطالة أمد الحرب لتحقیق أهداف معینة فی العراق وسوريا.
بينما وضح السيد رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي في وقت سابق حقيقة موقفه من هذا التحالف بقوله : إنه یعارض بشکل کامل مشارکة دول عربیة فی الغارات الجویة التی تستهدف مسلحی تنظیم داعش التکفیری الإرهابي
 فی بلاده . 
وأضاف العبادی فی مقابلة أجرتها معه هیئة الإذاعة البریطانیة “نقول بشکل واضح إننا لن نقبل بقوات غیر عراقیة فی العراق، لو کان لدینا غطاء جوی فاعل لهزمنا تنظیم داعش” وقال العبادی إن “القوات العراقیة کانت ستدحر داعش لو توفر لنا غطاء جوی جید”، ولکنه أکد ان العراق لیس بحاجة لدعم عسکری بري کما أضاف إن “قوات التحالف سدت الکثیر من الثغرات فی الحرب ضد داعش” .
ونوه العبادی إلى ان “الاستقطاب الدولی والإقليمي” هو الذی أدى إلي ظهور تنظیم داعش الذی أعلن عن إقامة “خلافة إسلامية” فی المناطق التی یسیطر علیها فی سوریا والعراق.  
يذكر أن
 طائرات سعودیة وإماراتية وبحرینیة وأردنية شاركت فی التحالف الدولی لمحاربة داعش ونفذت الطائرات التابعة لهذه الدول ضربات جویة ضد التنظیم فی سوریا، ولکن الطائرات الأمریکیة والفرنسیة والبریطانیة هی من نفذت غارات فی العراق .أخيرا ، ووفقا لما يحصل على الأرض ، واستنادا إلى كل المعطيات ، فإن

أمریکا علیها أن تشرح للعراقیین الخطوط العامة لإستراتیجیتها المتبعة فی محاربة تنظیم داعش، فالوضع الراهن لا یحتمل الشعارات الفضفاضة والتسویق الإعلامی والاستعراضات العسکریة الفارغة ، ووسط هذه الأصوات التی تعلو من أکثر من جهة عراقیة رسمیة وغیر رسمیة تتذرع وزارة الدفاع الأمریکية البنتاغون أن الجیش الأمریکی لا یمکنه قصف داعش بشکل أعمی، داعیة إلی التحلی بـ”صبر استراتیجی” من أجل التخلص منه، وکان وزیر الدفاع الأمیرکي تشاك هیغل قد أعلن أيضا فی 21 آب  الماضي ، أن “بلاده تعمل علی رسم إستراتيجية طویلة المدی لمواجهة جماعة داعش” .
ویحظی تنظیم داعش التکفیری الإرهابي بدعم لوجستی ومالی من أطراف إقليمية مثل السعودیة والإمارات وترکیا وقطر بالإضافة الی جهات غربیة ، ما یدعو الجمیع إلي النظر بعین الریبة والشك الی إعلان أمریکا والتحالف الدولی الذی أنشأته واشنطن بأنهم أعداء لداعش ویریدون محاربتها والقضاء علیها .

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق