التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, أبريل 19, 2024

الشيخ النمر.. قضية شعب وأزمة نظام 

مروة ابو محمد –

تفاعل یوماً بعد آخر قضية الشيخ الأسير في السجون السعودية، نمر باقر النمر، الذي أسر في كمين سعودي وهابي في 8 يوليو 2012 بعد أكثر من مرة جرى اعتقاله وتعذيبه فيها، والذي حاول الإعلام السعودي إلصاق تهمة المحاربة به ووصفه بأنه “شيخ فتنة العوامية!” التي لا وجود لها على أرض الواقع، بعد أن أفشل أهل العوامية والأحساء والقطيف عامة محاولات النظام السعودي في جرهم للعنف واستخدام السلاح من أجل مصادرة مطاليبهم الحقة وحقوقهم المسلوبة وتصويرهم على أنهم فئة خارجة على القانون.

أن قضية الشيخ الأسير نمر النمر، قضية ذات بعدين: البعد الأول فيها أنها قضية شعب وليس شخص بلباس معين أو منطقة تنتمي إلى طائفة ومذهب معين، بل شعب مصادرة ثرواته وخزائن الأرض التي يعيش عليها (معظم نفط السعودية يكمن في منطقة الإحساء والقطيف وما يجاورها) لصالح مجموعات قبلية ودينية غريبة عنه، بل تعتبر أبناءه مواطنين من الدرجة الثانية!

شعب سلبت حقوقه وفق منطلقيين جاهليين، قبائلي أعرابي وطائفي تكفيري متحجر ومقيت يأن من وطأته كل الشعب في شبه الجزيرة العربية.

إن المطالبات التي يتحدث عنها الإدعاء السعودي في قضية الشيخ النمر، مضحكة ومخزية في الوقت ذاته.. إنه يحاكم بسبب مطالبته بإعادة بناء قبور البقيع التي كانت قائمة إلى ماقبل قيام نظام الدرعية والتحالف السعودي الوهابي والتي هدمتها قطعان الوهابية؛ ولولا الضجة التي حدثت ضدها لطال التهديم القبة المقدسة الخضراء على ساكنها آلاف التحية والسلام.. في حين كان الأولى أن يحاكم من هدموا تلك القباب الشامخة والقبور الشريفة، نفسهم الذين هدموا قبور الأنبياء في الموصل اليوم ونبشوا قبور الصحابة باسم الله! وبدعم من حكومة “خادم الحرمين”!!

ويحاكم الشيخ النمر لأنه طالب نظام الدرعية الذي يتحدث عن التعايش السلمي والحوار بين الأديان ويكرم اليهود ويدعو إلى حل سلمي مع الصهاينة، طالبه بالاعتراف بمذهب أهل بيت النبي (ص)!!

ويحاكم الشيخ النمر ـ حسب الادعاء السعودي ـ لأنه طالب باصلاح وتعديل المناهج التربوية التي تدفع نحو العنف الديني والاحتراب الطائفي وتتبنى أقسى وأشد قراءة عرفها المسلمون في تاريخهم وهي قراءة الخوارج الذين كفروا الجميع وأباحوا دماء المسلمين.. طيب، إذا كانت المطالبة بتعديل المناهج جريمة فليحاكم بوش وأوباما وقادة الغرب المتراقصين بسيوف أهل الجنادرية لأنهم أيضا طالبوا بذلك وضغطوا على حكومة الرياض من أجله!!

أما القضية الأخرى التي انتهت إلى أسر الشيخ النمر بعد إطلاق النار عليه وإصابته وتغييبه في سجون نظام الدرعية، فهي خوف النظام من صوت الحق وصرخة المظلوم التي أطلقها هذا الشيخ المجاهد في أكثر من موقع وخلال أكثر من ملحمة وانتفاضة وخاصة تلك الخطبة الشجاعة التي ألقاها بعد وفاة ولي العهد السابق وزير الداخلية الأسبق الأمير نايف والذي هيمن هو و”مطاوعته” مؤسسة وزارة الداخلية وأجهزة القمع السعودية لفترة طويلة، ذاق فيها أحرار الجزيرة العربية الويل على يديه.. ولأن الصرخة جاءت في أجواء الربيع العربي التي تهز منه فرائص حكام الدرعية وأخواتها الخليجيات واللواتي عملن على الالتفاف عليه وتغيير وجهته بالتعاون مع الغرب والصهاينة (هذه ليست شعارات.. إنظر دور المفكر والناشط الصهيوني برنارد هنري ليفي في الانتفاضات المصرية والليبية وفي الحرب الإرهابية على سوريا).

كما أن للخوف السعودي خاصة أسباب أخرى، فتورط نظام الدرعية في البحرين ومشاركته بقمع الشعب البحريني الثائر واحتلال ذلك البلد تحت غطاء درع الجزيرة الجبان المستأسد على العزل في البحرين، إستكمل من خلال القمع والقهر المتزايد خلال سنوات الربيع العربي للمناطق القريبة والمتداخلة اجتماعياً وفكرياً مع البحرين، أي منطقتي الأحساء والقطيف (ومنها العوامية) هذه المناطق الغنية بالنفط والمتدفقة بحب أهل البيت (ع).. فكان ضرب تحرك ونشاط الشيخ المجاهد نمر باقر النمر هو في الحقيقة قمع استباقي لأي صوت او تحرك يمكن أن يخرج نصرة لأهل البحرين المظلومين أو مطالبة بالحقوق المشروعة تأسياً بهم، والمغتصبة بدورها من قبل قطعان الوهابية وأجهزة القمع التابعة لنظام الدرعية.

إن قضية الشيخ النمر الذي يواجه عن قريب النطق بالحكم عليه من قبل مهازل نظام الدرعية (ما يسمى بالمحاكم) هي قضية شعب بمختلف مكوناته وعلماءه ومثقفيه على اختلاف مشاربهم الدينية والفكرية وانتماءاتهم السياسية في مواجهة نظام تحالف درعاوي وهابي قبلي متحجر يقوده مجموعة ديناصورات ووعاظ عمي مكفوفين.. ومثل هذه الصرخات والقضايا لايحلها مطاوعة إرهابيون ولا عسس مجرمون، لأنها قضية وطن وإنسان..

ومن هذا المنطلق فإن أي خطوة حمقاء من قبل النظام لن تخلصه من تورطه، بل ستزيد من الأزمة التي يواجهها نظام الدرعية وحلفاءه من وعاظ السلاطين المتحجرين.. ويوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم، حكمة لا أحسب حكام الدرعية يفقهونها. والسلام!

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق