التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, مارس 28, 2024

النفط فقرٌ دائم ! 

منذ أن وجد هذا (الذهب الأسود ) ، وأيادي الفقراء في بلدي تبحث عن الخبز بمشقة! .. مفارقة كبيرة ومريرة ستحكيها الروايات والقصص والأشعار لقرون قادمة ربما ،عن بلد
كانت الأنظمة السابقة فيه تغرّد في أذن الشعب دائما : أن نفط الشعب للشعب!! ، وأن خيره وفير وسيعمّ أولادكم وأحفادكم إلى يوم الدين.
وفي كل مرة يزيد فيه إنتاج هذا الذهب عن معدلاته أو يرتفع سعره في الأسواق ، يزداد الشعب فقرا !!، وربما هذا هو السبب الذي جعل الناس في بلدي ،بمرور الزمن ، متشائمة ومحبطة ، بل ومعارضة أيضا ولا تحب حكوماتها ،إن لم نقل تشعر بالغربة والضياع في وطنها الأم.. ناهيك عن دوامات الحروب التي كان سببها الرئيسي هو النفط ، ويضاف لها سياسات القمع والطمر الجماعي والذل والتهميش وغيرها من صور البؤس والتحطيم.
وفي بلد مثل بلدي ، يقضي الإنسان جلّ عمره مكافحا متعبا ومنتجا ، لكنه لايستطيع أن يمتلك
بيتا ، ولا عقارا ، بل لايستطيع أن يوفر ضمان قوت غده في أكثر الأحايين! وحين يصبح لاجئا _مضطرا_ في بلد آخر أجنبي  لايملك نصف الثروة التي يملكها بلده النفطي ، يعيش الفارق المفارق ، ويكتشف متحسرا ومتوجعا أن هذا الفارق أخلاقي وإنساني وعلمي بالدرجة الأساس، يفتقر إليه ساستنا وحكامنا ومن يشبههم من الولاة والمسؤولين .. إذ أن الفساد هو من صلب البلاء ، مع غياب التخطيط والرؤية البعيدة والعلمية فيما يجري لدينا . ولا نريد أن نزيد الأمر تعقيدا فنقول : غياب الروح الوطنية هو رأس البلاء!
وفي كل مرة يسأل المواطن نفسه أويتساءل :
ماذا لو لم تكن هذه الثروة موجودة أصلا ؟!
من المؤكد أن لا يمنع عدم وجود النفط  بهذه الوفرة، اندثار الفساد ، ولكن من المؤكد سيمنح التفكير ، بالاعتماد على مصادر أخرى متعددة ، واستثمار طاقات أخرى من بينها طاقة الإنسان وقدرته وعلمه مع خصوبة الأرض وملاءمة المناخ ووجود الأنهار والمياه الكافية والثروات المنتجة الأخرى ..  
ماذا يعني هذا ؟
ربما واحدة من دلالاته تعني أن وجود النفط في ظل سياسات اقتصادية مستهلكة وغير مدروسة ، مع تنامي روح الفساد في الجهاز الحكومي ، هو تعطيل آخر غير مرئي ، على المدى القريب والبعيد ، لمستقبل الشعب وحياته وثرواته ، وبالتالي سيبقى وجود هذه الثروة سببا لفقره الدائم .. وعلينا أن نغير البوصلة في طريقة تعاملنا مع هذه الثروة ، وأن نبحث عن البدائل المتوفرة والتي لاتنضب ،وما أكثرها تعددا ومنفعة وغنى.
طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق